فقد أودع الله في فِطَرِكم ما يدلكم على أن ما مع آبائكم باطل،
وأن الحق ما جاءت به الرسل، وهذا يقاوم ما وجدتم عليه آباءكم، ويعلو عليه.
نعم … قد يعرض للعبد من أقوال آبائه الضالين، ومذاهبهم الفاسدة ما يظنه هو الحق،
وما ذاك إلا لإعراضه عن حجج الله وبيناته وآياته الأفقية والنفسية،
فإعراضه عن ذلك، وإقباله على ما قاله المبطلون ربما صيره بحالة
يفضل بها الباطل على الحق.
السعدي:308.
السؤال :
لماذا يتبع بعض الناس آراء آبائهم ويترك ما جاء به المرسلون ؟
انسلخ من الاتصاف الحقيقي بالعلم بآيات الله؛ فإن العلم بذلك يصير صاحبه
متصفا بمكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، ويرقى إلى أعلى الدرجات،
وأرفع المقامات، فترك هذا كتاب الله وراء ظهره، ونبذ الأخلاق التي يأمر بها
الكتاب، وخلعها كما يخلع اللباس، فلما انسلخ منها أتبعه الشيطان؛
أي: تسلط عليه حين خرج من الحصن الحصين، وصار إلى أسفل سافلين،
فأزه إلى المعاصي أزا { فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ }
بعد أن كان من الراشدين المرشدين.
السعدي:309.
السؤال :
ما خطورة ترك التمسك بكتاب الله سبحانه وتعالى بعد دراسته وعلم ما فيه ؟
لما عاند ولم يعمل بما هداه الله إليه حصلت في نفسه ظلمة شيطانية
مكنت الشيطان من استخدامه، وإدامة إضلاله؛ فالانسلاخ على الآيات أثر من
وسوسة الشيطان، وإذا أطاع المرء الوسوسة تمكن الشيطان من مقاده فسخره،
وأدام إضلاله، وهو المعبر عنه بــــ{ فَأَتبَعَهُ) فصار بذلك في زمرة الغواة
المتمكنين من الغواية.
ابن عاشور:9/176.
وفي هذه الآيات : الترغيب في العمل بالعلم، وأن ذلك رفعة من الله لصاحبه،
وعصمة من الشيطان، والترهيب من عدم العمل به، وأنه نزول إلى أسفل سافلين،
وتسليط للشيطان عليه، وفيه أن اتباع الهوى وإخلاد العبد إلى الشهوات
يكون سبباً للخذلان.
السعدي:308.
وقوله تعالى :
{ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا } أفاد أن تلك الآيات شأنها أن تكون سببا للهداية
والتزكية لو شاء الله له التوفيق وعصمه من كيد الشيطان وفتنته فلم ينسلخ عنها،
وهذه عبرة للموفقين؛ ليعلموا فضل الله عليهم في توفيقهم؛
فالمعنى: ولو شئنا لزاد في العمل بما آتيناه من الآيات فلرفعه الله بعلمه.
ابن عاشور:9/176.
السؤال :
آيات القرآن الكريم سبب للهداية، بين ذلك ؟
قال القتيبي : كل شيء يلهث إنما يلهث من إعياء، أو عطش، إلا الكلب؛
فإنه يلهث في حال الكلال، وفي حال الراحة، وفي حالة العطش،
فضربه الله مثلاً لمن كذب بآياته، فقال: إن وعظته فهو ضال،
وإن تركته فهو ضال؛ كالكلب: إن طردته يلهث،
وإن تركته على حاله يلهث.
البغوي:2/175.